مفهوم القومية

. . ليست هناك تعليقات:

مفهوم القومية

تطور المجتمع البشري عبر العصور التاريخية وصولاً إلى حالة التحضر التي اسماها المفكر العظيم و عالم الاجتماع عبد الرحمن بن خلدون بالتمدن و العمران، اتخذ الإنسان من التحضر ناصية له في حياته قادته للوصول إلى مرحلة الرعي الثابت و الزراعة و الاستقرار و تكوين الأسرة والمجتمع البسيط و بالتالي قاده التمدن إلى أسلوب حياة  و نظام اقتصاد. بفعل هذه النتائج المترتبة على التحضر تأنس البشر فأصبح الفرد منهم إنسانا يحمل ما يميزه عن الحيوان، و أدى ذلك الانتشار العلم و المعارف
و ازدهار الثقافات بفعل الذاكرة الجمعية و تراكم المعرفة، و أخذ الإنسان يبدأ بطرح الأسئلة الفلسفية الوجودية، فتدحرجت الأفكار و الأجوبة إلى أن ظهرت قي العصور الوسطى شخصية الفرد، فشكل ظهور شخصية الفرد حادثا خطيرا أنهى عصور التخلف و الانحطاط (العصور الوسطى) إذ ظهرت هذه الشخصية متحدية أفكار الجماعات الهمجية القبلية و العائلة وغيرها، فكان هذا الحادث مقدمة لظهور شخصية الجماعة الكاملة و هي الأمة.
ظهرت (بدأت) القومية  في أوروبا و تطورت إلى إن أنشئت  الدولة الأمة (nation state) ، اختلف أساس القومية و جوهرها لدى الأوروبيين (وغيرهم) ففي بعض الأحيان اعتمدت القومية على العرق و في أحيان أخرى على اللغة و غير ذلك من الأمور، فتولد شعور بالانتماء للدولة و استعداد العمل و التضحية من أجلها.
ظهرت القومية في بلادنا في مواجهة الدولة العثمانية بعد محاولتها تتريك رعاياها في بلاد الشام و شبه الجزيرة العربية فتدحرجت و سارت مدارس الفكر القومي إلى أن عُرفَت القومية بأنها:
حالة سياسية اجتماعية روحية تقوم على أساس وطن محدد له حدوده و أرضه قادر على إنشاء شخصية مميزة لساكني هذا الوطن من خلال تفاعلهم أفقيا مع بعضهم البعض  و عموديا مع الأرض التي يعيشون عليها  مكونين مزيجا سلالياَ بالإضافة لتأثرهم بتاريخ الأرض و مناخها و غذائها، و بالتالي الوطن ارض يعيش عليها أناس قد تكونت شخصيتهم من خلال تفاعلهم على  هذه الأرض بغض النظر عن أصولهم العرقية أو ديانتهم أو لغتهم. و لمن يضع اللغة أساسا للقومية أقول له إن المجتمع الهندي اكبر مجتمع ناطق باللغة الانجليزية و لكن الأمة الهندية ليست جزءا من الأمة الأمريكية التي تتحدث الانجليزية أيضا و لا جزءا من الأمة الانجليزية (بريطانيا)، و بالتالي لا يمكن أن يشكل الهنود مع الانجليز امة لاختلاف الثقافة و الأرض و عوامل أخرى، فنستنتج انه لا علاقة للغة بالقومية فاللغة وسيلة للتواصل و تناقل المعرفة فقط.
نحن أهل بلاد الشام خليط سلالي صهرته الطبيعة قديما فنشكل امة كاملة بكافة عناصرها إلا إننا نعاني من أمراض التجزئة التي مهدت للعدوان الصهيوني  فعلينا العمل للتخلص من هذا مرض من خلال وحدتنا.
مصطفى سعادة مصطفى ارشيد                                                                                                                                                                                          

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

بحث داخل الموقع

المشاركات الشائعة

بحث هذه المدونة الإلكترونية